تعددتْ الأسبابُ وَ الذّلُ كانَ واحدٌ

 




تعددتْ الأسبابُ وَ الذّلُ كانَ واحدٌ

بقلم ريما صقر


تُتَهمُ جميعُ النّساءِ الّتي دخلتْ ألمانيا قاصدةً الأمانَ لها وَ لِأولادِها منَ الظّلمِ وَالقهرِ الّتي كانتْ تعيشُهُ في سوريا نتيجةً لِتسلطِ المجتمعِ وَ الدّولةِ معًا على أنّها فاسقةٌ عديمةُ الأخلاقِ،  تركنَ ازواجهنَّ لِمواكبةِ حرّيّة الغربِ.... لكنّهمْ تناسَوا أنَّ هؤلاء النّسوة  قررنَ الانفصالَ عنْ أزواجهنَّ لِأنَّ ما منْ سبيلٍ آخرَ لديهمْ، فَهنا دولةُ القانونِ وحمايةِ حقّ الإنسانِ في الحياة. هنا لا يُمكنُ لِرجلٍ  أنْ يتسلطَ على امرأةٍ أو  يعنفَها وَ يذلَْها منْ أجلِ لُقمةِ عيشِها أو أولادِها، أو أنْ يهينَها و إنْ كانت أهانةٌ لفظية، أو الضّرب كما كانَ يفعلُ سابقًا في سوريا.


قبلَ أنْ نخوضَ في حوادثِ الطّلاقِ الّتي نسمعُ بها يوميًا أو بِشكلٍ كبيرٍ بينَ العائلاتِ السّوريّة في المجتمعاتِ الأوروبيّة،  دعونا نتحدثُ قليلاً عنْ حياةِ المرأةِ في سوريّا قبلَ الزواج وبعدَهُ. قبلَ أنْ نبدأَ الحديثَ علينا أنْ نعترفَ أيضًا أنّ مُعظمَ نساءِ سوريا اليوم هنّ نساءٌ متعلماتٌ وَعددٌ كبيرٌ منهنّ قدْ  أنجزنَ درجةً جامعيةً عالية،  وَموظفاتٍ يتحملنَ جميعَ الأعباءِ الحياتيّة إنْ كانَ خارجَ المنزلِ أو داخلِه،  وَ لِيُعجبَ الزوج بِزوجتهِ عليها أنْ تكونَ عاملة وَ تقدمَ لهُ مالَها لِيتصرفَ بهِ كما يحلو لهُ بِالطّريقةِ الّتي تناسبُهُ، وَعليها إنجازَ جميعِ الأعمالِ المنزليةِ أيضًا دون شكوى أو تعبٍ،  إضافةً اإلى رعايتهِ الخاصة تُربي الأطفال. 


هوَ السّيدُ "شهريارَ زمانهِ" هكذا تبدأُ كلّ الحكاياتِ،  فَمهما كانتْ نشأةُ  الطّفلةِ في سوريا، العاداتُ  وَ التّقاليدُ تلعبُ دورًا  مهمًا في تربيتِها،  تلكَ العاداتُ والتّقاليدُ الّتي تُجبرُها منذُ الصّغرِ على تلبيةِ رغباتِ شقيقِها وَ الاستماعِ لِنصائِحهِ حتّى لو كانَ يصغُرُها سنًا، و رغباتِ  والدِها أيضاً مهما كانتْ هذهِ الطّلباتُ أو النّصائحُ مؤثرةً على شخصيتِها بِشكلٍ سلبي، .فَهمُ ادرى في مصلحتِها كَفتاة، لِأنّها بِرأي الجّميعِ لا تملكُ العقلَ الكاملَ لِلتّفكيرِ في حياتِها المستقبليّة ومهما كانتْ العائلةُ تمتلكُ منَ الثّقافةِ الّتي تحاورُ بِها أقرانَها في المجتمعِ إلّا أنّها تقفُ أمامَ الفتاةِ بِموقفٍ ثابتٍ لا يتغير،  خوفًا منْ نظرةِ المجتمعِ لها، مع العلمِ أنّها تنعتُهُ هي نفسها بِالتّخلفِ،  وهذا أولُ تأثيرٍ سلبي على حياةِ الفتاة.


 اعتقادُ كثيرٍ منَ السّوريين أنّ مكانَ الفتاة الطّبيعي هوَ المنزلُ وَ الزّواجُ، وَ تربيةُ الأطفالِ الّتي ليسَ لها فيها أيّ حقٍّ إلّا تنشئتِهم في الصّغر، أما التّربيةُ الحقيقيةُ  ما يطلبهُ الأبّ وَ  الواجبُ تنفيذِه دونَ أيّ نقاش، وهكذا تتوالى الأمورُ دائمًا. وتتعلمُ الفتاةُ منْ والدتِها في سنٍ معينٍ أعمالَ المنزلِ والمطبخِ وَما يحبُّ الرّجلُ وما يكرهُ وَ تعتني بِجسدِها فقطْ دونَ فكرِها، وَ حسبَ رأيهمْ لنْ يْلبي رغباتِ الرّجلِ،  وَ إنّما طريقةً لِإبقاءِ زوجِها قربَها، وَ تفيدُها في حياتها الزّوجية،  فَتصلُ الفتاةُ إلى الزّواجِ ربما في سنٍ مُبكرة،  وَ هي لا تعلمُ عنْ هذا الزّواجِ إلّا الفستانُ الأبيضُ وَ الذّهب الّذي تتزينُ بهِ والمالُ الّذي يمنحها إياه،   معتقدةً أنّه لها لِتتفاجئَ في حالاتٍ كثيرةٍ أنّها مُرغمةٌ على التّنازلِ عنهُ. 


وربما  أيضاً يتمّ الاستغناءَ عنْ هذهِ الأمورُ منذُ البدايةِ  مُقابلَ أن هذا الزّوجُ لِلفتاةِ بِاعتقادِ أهلِها طبعاً  هو رجلٌ صالحٌ،  مؤمنٌ بِالله،  فَالبعضُ يقولُ (زوّجْ ابنتكَ لِمنْ ترضى دينهُ وَعملهُ)، أما الأمورُ الأُخرى فهي غيرُ ضرورية وَيستطيعونَ الاستغناءَ عنْها  في حالِ كانَ الرّجلُ في نظرِهم رجلًاصالحًا، لكنْ ما يخفى لا يمكنُ معرفتهُ  وَهنا تبدأُ المأساةُ لِتتفاجئ الفتاةُ أو المرأةُ بِأنّ ما كانتْ تحلمُ بهِ غيرُ موجود.


الفتاةُ حتّى لو لم يتمْ الحديثُ معها عنْ أيّ أمرٍ من أمورِ الحياة،  ألّا أنّ لَديها كما غيرِها منْ الناسِ مشاعرٌ تستيقظُ في مرحلةٍ معينةٍ  إنْ تمّ الشّرحُ عنها أو تقديمُ المعرفةِ بِها لَعاشتْ حياةً طبيعية،  وَ إنْ تمّ كبتَها تكتشفُ الفتاةُ أنّ هذهِ الحياةُ الزّوجيّة هي عكسُ ما كانتْ تحلمُ بهِ وتبدأُ المشاكلُ والخلافاتُ الّتي لنْ تنتهي مُطلقاً، وَ رغمَ ذلكَ عليها أنْ تستمرَ فهي لا تستطيعُ العودةَ لِمنزلِ والدِها، لأنّها بِالنّسبةٍ لهمْ امرأةٌ غيرَصالحة. المرأةُ الصّالحة بِرأيهم تصبِرُ على زوجِها وتستمرُ في المحاولةِ،  تنجبُ الأولاد لِيحبببوا الرّجلَ بها،  حتّى لو أُرهقتْ نفسَها أو أُصيبتْ بِمرضٍ  ما أو  رُبما قُتلتْ في إحدى المراتِ الّتي كان يضربُها فيها بِسببِ  تعرضِهِ لِمضايقاتٍ خارجَ المنزلِ وَ عليهِ أنْ يفرغَ جامَ غضبهِ على منْ يحتملهُ ولا يفعلُ ذلكَ  إلّا الزّوجةُ الصّبورةُ على ما  بُليتْ به. 


وهكذا تبدأُ مأساةُ أغلبِ الفتياتِ والنّساءِ في سوريا،  عامَ ٢٠١٥ عندما دخلتْ العائلاتُ السّوريّة المجتمعَ الأوروبي،  حاولَ الكثيرُ منَ  الرّجالِ  بِجهدٍ إعاقة معرفةِ نسائهم حتّى يبقينَ تحتَ سلطتِهم، لكنْ هذا المجتمعُ الجّديدُ فرضَ عليهِ قوانينَ يجبُ تطبيقَها، وإلّا يودي بهِ إلى نتائجٍ لا تُحمدُ عُقباها.  بدأَ ينكشفُ المستورُ لدى الكثيرِ منَ العائلاتِ  الّتي أدتْ مشاكلَها المتراكمةِ منذُ بدايةِ الزّواجِ  وَ طريقةُ التّفكيرِ الّتي حملَها أغلبُ الرّجالِ معهمْ أو بِشكلٍ أدق ثقافتُهم الّتي زُرعتْ في أذهانِهم منذُ الصّغرِ وَ أودتْ الى طريقٍ مسدودٍ نهايتهُ الانفصال.


رواياتٌ كثيرةٌ نسمعُها كلّ يومٍ عنْ عائلاتٍ انفصلتْ عنْ بعضها... رغم أنّهم كانوا يعيشون سويّةً في سوريا وَ أنجبوا اطفالاً كُثر، وما إنْ دخلوا ألمانيا بعد أشهرٍ يحدثُ الانفصالُ بينهم.... وتبدأُ الأقاويلُ عنْ المرأةِ منَ المجتمعِ العربي الّذي يعيشُ في أوروبا بِأنّها لا تريدُ السّترة  وَ تريدُ  أنْ تعيشَ حياةَ الأوروبيين، أو غيرَ ذلك منَ الأقاويلِ الّتي تجعلُ الجّميعَ يعتقدُ بِأنّ المرأةَ هي الوحيدةُ الّتي أساءتْ لِلعلاقةِ الزّوجيّة وَ  سعتْ للِإنفصالِ لِتعيشَ (على حلّ شعرها) كما يقولون.


إحدى  السّيداتِ السّورياتِ روتْ قصتها قائلةً:


 قدمْنا إلى ألمانيا منذُ خمسةِ أعوامٍ، كنتُ أعتقدُ أنّ ما كانَ يحدثُ بيننا منْ خلافاتٍ في سوريا سببهُ فقطْ الوضعُالاقتصادي،  وَ أنّ حياتَنا  هنا ستتبدلُ لِلأفضل، وَ تتبدلُ معاملةُ زوجي معي أيضًا. لديَ خمسةُ أطفالٍ،  إثنانٍ منهمْ اليومَ بلغا سنَ الرّشدِ وَهمْ يعملونَ وَ لا يحتاجونَ أيّ دعمٍ ماديّ منّا. في بدايةِ قدومِنا لِأمانيا، و بعدَ حصولِنا على منزلٍ  خاصٍ بِنا، تمّ تسجيلنا في منظمةِ العملِ،  لِذا أصبحَ زوجي يشعرُ  بِقوةٍ أكبرَ منَ السّابقّ، وبِإمكانهِ فعلَ أي شيءٍ يريدُ الآن.


هوَ يملكُ المالَ وَ الوقتَ الكافي لِلتّسكعِ الدّائمِ معَ أصدقائهِ دونَ أيّ اهتمامٍ بِنا، حيثُ كنا نعيشُ في أحدِ الأريافِ، وَ لا يَسمحُ لي بِالتّجول الفردي وَ شراءَ الأغراضِ لِلمنزلِ حتّى  أنّ كلّ المالِ  دائمًا بِحوزتهِ وَ هوَ يجلبُ لنا ما يريد،  وَ الامورُ الأُخرى لمْ تتغيرْ أبداً  بلْ  ازادتْ سوءًا عمّا كانتْ عليهِ،  وبدأَ ينتهجُ  معي سياسةَ التّهديدِ بِأنّهُ يمكنهُ الزّواجَ بِأُخرى وَ هذا حقّ مشروعٌ لهُ،  إضافة  كَالعادة أنا لا ألبي متطلباته.في البدايةِ لمْ أكنْ أعلمُ بِأنّ المالَ الّذي نتقاضاهُ منْ منظمةِ العملِ لي َ لِلأولاد ياخذه  وَ يسرفهَ على حياتهِ الشّخصية. وَ لنا الفتاتِ منه.  


كنتُ إنْ سألتُهُ قبلَ نهايةِ الشّهر، أينَ هوَ الرّاتب؟!

 يصرخُ في وجهي أو ربما يضربُني أمامَ الأولاد دونَ أيّ خجلٍ،  وَ يقولُ:  صُرف المالُ علفاً لنا،  كانتْ هذهِ أقلُ كلماتهِ إساءةً   يقولُها لي وَ كنتُ احتملُها في البدايةِ  حتّى لا يُطلقُ عليّ لقبَ المطلقة، إلى أنْ تحدثتْ إليّ في إحدى المراتِ زوجةُ أحدِ أصدقائهِ لِتصفَ حالتها كما حالتي. حينَها لمْ يكنْ لدي أيّةَ  قوةٍ لِلمواجهة  كلّ ما حدثَ  أنّ إحدى موظفاتِ مكتبِ المُهاجرين كانتْ تساعدني دائمًا لِذا طلبتُ منها أنْ  تجدَ بنا منزلًا في المدينةِ القريبةِمنّا،  وَ شرحتُ لها ما أعاني، وَ  أحدِ أبنائي هوَ منْ يتولى التّرجمةَ لأنّي لمْ أكنْ أُجيدُ اللغةَ الألمانية.


مضتْ عدة َ أشهرٍ وَ انتقلنا إلى منزلِنا الجّديد،  وَ هذا زادَ الامر سوءًا أضعافاً مُضاعفةً وَ أصبحَ الضّربُ عادةً يوميةً بِالنّسبة له.  في إحدى المراتِ رآهُ ولدي الكبيرُ وَهوَ خارجٌ منْ أحدِ المنازلِ المعروفةِ في المدينةِ و وَ أخبرني بِالأمر، حينَها واجهتهُ بِذلك وقلتُ:  

منَ المعيبِ لكَ أنْ يراكَ ولدكَ بِهذهِ الحالةِ الّتي كنتَ عليها، أنتَ تأخذُ أتعابَ  ولدكَ بِحجةِ أنّ  الرّاتبَ لا يكفى لِتقومَ بِصرفهِ على الأمورِ التّافهةِ وَتتركنا عدّةَ  أيامٍ دونَ أنْ تسألَ عنّا. كانَ جوابُهُ اأنّه خلعَ حزاماً كانَ يلبسهُ وَ بدأَ بِضربي، حتّى ابني الكبير نال نصيبهُ  أيضاً حينما حاولَ الدّفاعَ  عني. يومَها نقلني الأولادُ إلى المشفى،  وَ هناكَ طلبوا البوليس الّذي لمْ يقبل أنْ يَبقى زوجي في المنزلِ وطلبَ اتنفصالنا إلى أنْ تتضحَ الأمورُ،  أدركتُ حينَها كمّ الذّلّ الّذي أعانيه. 


قررتُ الانفصالَ مهما كانتْ أحاديثُ النّاسِ الآخرين، فأن  منْ يتألمُ عذب، وَ بِالطّبع بعدَما شعرَ بما ينتظرهُ حاولَ مُصالحتي،  وَ اتصلَ بِعائلتي لِيخبرَهم أنني  أريدُ ابانفصالَ عنهُ، لاعيشةَ كَعيشةِ الألمانِ  الالمان، وَ اضطرّ مرغماً لِضربي لكن أولادي وقفوا بِجانبي، وَ أخبروا  عائلتي وَ عائلةَ زوجي بِحقيقةِ ما يجري. رغمَ كلّ ذلك، اليوم أنا منبوذةٌ من عائلتي، لِأنّه  حسبَ  رأيهم  يجبُ أنْ  أتحملَ وَ أعيشَ معهُ على السّراءِ والضّراء،  ولا أتركُ أولادي يتشردون منْ بعده.


لكنّهم لا يعلمونَ أنّ  أولادي يحتاجونَ لي أكثرَ منْ أبٍّ لا يهتمّ إلّا بِسعادتهِ وَ حياتهِ الشّخصيّة، أنا  الآنَ أنهيتُ المرحلةَ الثّانيةَ منَ اللغةِ وَ أطمحُ إلى دراسةٍ مهنيّة أحققَ ذاتي منْ خلالها،  أنا استطيعُ ذلك وَ هوَ لايزالُ في مكانهِ و لا يريدُ تطويرَ ذاتهِ لأنّه متكاسلٌ و اتكالي. 

امرأةٌ أُخرى روتْ قصتَها  بِكثيرٍ منَ الأسفِ لِأنّها رغمَ الطّلاقِ لا تزالُ مغرمةً بِزوجِها الّذي خانَها معَ امرأةٍ ألمانيّة،  رغمَ أنّهم تزوجوا بعدَ علاقةٍ عاطفيّة وَهو ابنُ خالِها،  الذّي اعتقدَ والديها أنّهُ سَيكونُ سنداً قويًا لها، لكنْ بعدَ ولادتِها ابنتَها الوحيدةَ  اكتشفتْ صدفةً رسائلًا على هاتفِ زوجِها لمْ تعي مِنها شيئًا لولا كمياتِ القلوبِ الّتي كانتْ مُرافقةً لِكلّ رسالةٍ،  حيثُ قامتْ بِترجمةِ الرّسائلِ لِتتفاجئ بِعلاقةٍ وطيدةٍ معَ شابةٍ ألمانيّة ويتحدثونَ عنْ زواجِ يتمُّ بعدَ انفصالِهِ عنْ زوجتِهِ لأنّهُ لا يستطيع الإبقاءَ على الزّوجتينِ معًا.


عندما واجهتُهُ بِالرّسائلِ أنكرَ الأمرَ وَ اعتبرهُ مزحةً أو أنّ تلكَ الشابةُ هيَ لِقضاءِ بعضِ الوقتِ فقطْ،  لكنّ الزّوجةُ رفضتْ أنْ يكونَ زوجُها بِهذا الشّكلِ لِذا لجأتْ لِوالدهِ الّذي أجابَها. لا علاقةَ لَنا بِالموضوعِ عليكمْ أنْ تحلّوا مشاكلكُم بِأنفسكم، وَ عليها اأنْ لا تثيرَ المشاكلَ فَهيَ  نزوةٌ يستيقظُ منْها بعدَ حينٍ، فَالرّجالُ أحيانًا تُبهرُها امراةٌ أُخرى لكنْ على الزّوجةِ أنْ تكونَ صبورة وتسعى بِطرقِها الخاصةِ إلى إعادةِ زوجِها لِعشّ الزّوجيّة، لا أنْ تخلقَ المشاكلَ لِمجردِ أنّها رأتْ رسائلًا بينَ زوجِها وَ امرأةٍ أُخرى.


لو تهتمينَ بِزوجكِ لما نظرَ لِغيركِ، لكنّهُ نسيَ إساءةَ ولدهِ وَ عليهِ  أنْ يتحملَ نتيجتَها، قالت: 

عدْتْ مكسورةً لِمنزلي، خالي "شقيق والدتي" لا يقبلُ مساعدتي،  شعرْتُ أنني مجردَ كرسيٍّ في المنزلِ يُحركهُ زوجي كما يرغب، ومتى أرادهُ جلبَهُ إليهِ،  ومتى حصلَ على جديدِ يركنَهُ جانبًا، حاولتُ كثيرًا الحديثَ معهُ وَ زادتْ المشاكلُ كما قامَ بِضربي بِطريقةٍ سيئةٍ جداً. 


أجبرَني على الخروجِ ليلاً إلى مركزِ الشّرطةِ لِتقديمِ شكوى، وكانتْ علاماتُ الضّرب واضحةٌ جداً على جسدي، فأحضروا لي مترجمًا يساعدني، بعدَ أنْ تقدمتُ بِالشّكوى شعرَ حينَها زوجي بِأنَّ هذا سيؤثرُ سلباً على مشروعِ الإقامةِ الدّائمةِ الّذي  يسعى إليه،  يومها تمَّ نقلي منْ منزلي لِمنزلٍ خاصٍ بِالنساءِ المُعنفاتِ، وحينَها بدأ زوجي يَترجاني لِإيقافِ الدّعوى و سيتركُ تلكَ الفتاة،  وَ أنّ  مشاعرهُ اتجاهي لمْ تتغيرْ وما إلى ذلكَ من الكلامِ المعسول،  إلى أنْ ذهبتُ إلى مركزِ الشّرطةِ ثانيةً وقمتُ بِإلغاءِ الدعوى بعدَ فترةٍ لا تتجاوزُ الشّهر تفاجأتُ بِأنّهُ مازالَ على علاقةٍ بِتلكَ الفتاة وبدأ يسيءُ لي بِالكلام،  واتهمْني بِإنّي على علاقةٍ  معَ شابٍ سوري آخر أمامَ أهلهِ وَ بعضِ معارفنا، وكانتْ والدتُهُ أكثرَ من تحفزهُ  ضدّي.


 طبعًا لا دليلَ لديهِ سوى الأقاويل الّتي كانَ يبثُّها  لكنْ حينَ واجهتّه بِالأمرِ أمامَ إحدى السّيداتِ قالَ أنّ هذا الحديثُ غيرَ صحيح أما المشاكلُ فَلمْ تنتهي، وَ أصبحَ ينعتُني بٍكلامٍ وَ أوصافَ كثيرةٍ  لمْ استطعْ تحملَها فَطلبتُ حينَها الطّلاقَ وما إنْ سمعَ ذلكَ حتّى لبى مباشرةً،  وَ كأنّهُ كانَ ينتظرُ أنْ أطلبُهُ منهُ. أنا اليومَ لا أستطيعُ العيشَ في المدينةِ الّتي يعيشُ فيها، أحاولُ الانتقالَ لِمدينةٍ أُخرى لِأنّي لازلتُ أُحبّهُ وَ لا يمكنني رؤيتهُ  معَ امرأةٍ آخرى رغمَ كلّ إساءاتِهِ لي.


سطوةُ الرّجلِ اليوم على المرأةِ السّوريّةِ أصبحتْ مُتوارثة لِذلكَ، وَ هذهِ الأفكارُ في رأسهِ أيّنما رحل، وَ رغمَ أنّ المرأةَ تقدمُ كما يقدمُ الرّجلُ في منزلِ الزّوجيّة لا بل أكثر، فكما قُلْنا منذُ البدايةِ هي تعملُ خارجَ المنزلِ وداخلهِ وَعليها أنْ تكونَ الصّديقةُ وَالحبيبة وَالصاحبة وَالزّوجة وَالأمّ في المنزلِ،  وعليها أنْ تكونَ رجلٌ خارجَ المنزلِ،  وَرغمَ كلّ هذا وذاكَ نجدُها في الجّانبِ الأقلِ منْ الرّجلِ دائمًا، وهذا ليس سببًا فيها وإنّما عيبًا عقليًا في أذهانِ الرّجالِ مهما اعتلتْ مراتبُهم الثّقافية. 


إذنْ فَإنّ حالاتَ الانفصالِ الكثيرةِ الّتي نسمعُ بِها بِشكلٍ يومي والّتي حدثتْ وتحدثُ في أوروبا سببُها الأول هو القهرُ  الّذي كانتْ تعانيهِ المرأةُ والظّلمُ وإرغامِ المجتمعِ لها على الزّواج ربما في سنٍ مبكرة،  أو بِشخصٍ يُجبروها عليهِ بِطريقة وديّة  بِسببِ العاداتِ والتّقاليد.


حالاتُ الانفصالِ الّتي تحدثُ بينَ السّوريين في أوروبا سببُها الثّقافةُ الّتي ينشأ عليها الرّجلُ في مجتمعِنا الشّرقي،  فَلا توجهوا أصابعَ اللومِ لِلمرأةِ فقطْ لأنّ مجتمعاً كاملاً شاركَ في هذه الجّريمة، ويبقى الطّلاقُ أفضلَ منْ أنْ تُقتلَ أمٌّ أمامَ أولادِها لأنّ الرّجلَ لمْ يستطعْ تفريغَ  جامَ غضبهِ في الخارجِ، وأفرغهُ على رأسها.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إيديولوجيا اللا إيديولوجيا، فكرٌ رقميٌّ منْ دونِ هوية!

قانون الأحوال الشخصية والزواج المدني! ضحاياه الذين لم تأتي سياسة على ذكرهم

مظاهرات كوبا... برهان آخر على بعد الستالينيين عن الماركسية