السّويداء ما بينَ الإدارة الذّاتيةِ وَ الإبادةِ الذّاتية

 





بقلم فيديل عطالله: 


في البداية: لروح الضحايا في مدينة شهبا السلام 


قدْ كنتُ قدْ كتبتُ في مقالي الأولَ عنْ الإدارةِ الذّاتيةِ بِأنّها حالةٌ منَ العملِ الشّعبي وَ الجّماهيري يتمّ بناءهُا منْ أسفلٍ لِأعلى وَ بِاشتراكِ جميعِ الأجزاءِ المجتمعيةِ منْ أجلِ تسييرِ أمورِهم الذّاتيةِ بِمعزلٍ عنْ قوى السّلطةِ الحاكمة. ما قامَ بهِ أبناءُ مدينةِ شهبا في محافظةِ السّويداء منذُ أيامٍ بعدَ سقوطِ ثلاثةٍ منْ شبابِ المدينةِ على يدِ عصاباتِ الخطفِ العاملةَ تحتَ غطاءِ النّظامِ السّوريّ، هوَ نواةُ عملٍ ذاتي وَ إدارةٍ ذاتيةٍ حقيقية. بعدَ أنْ قامَ مجرمو العصاباتِ بِقتلِ الشّبانِ الثّلاثةِ نزلَ أبناءُ مدينةِ شهبا وَ قاموا بِحرقِ سياراتِ وَ منازلَ أفرادِ العصاباتِ،  وَ كذلكَ الأمرُ إغلاقَ أكشاكِ كافةِ المُتعاملين معهم. 


لقدْ كانَ هذا تنظيمًا ذاتيًّا تمّ التّوافقُ عليهِ بِشكلٍ شعبي وَ جماهيري حيثُ تمّ تحقيقَ الهدفِ الشّعبي بِالأمانِ على يدِ الشّعبِ ذاتَ نفسهِ في سناريو يؤكدُ مقولةَ "إنجلز وماركس" "إنّ تحريرَ الطّبقاتِ الشّعبيةِ يكونُ على يدِ الطّبقاتِ الشّعبيةِ نفسها". وَ ليسَ عنْ طريقِ مجموعةٍ شخصيةٍ منَ الطّبقاتِ الوسطى أو المثقفين أو النّخبويين الأرستقراطيين أو مرتزقةِ السّفاراتِ وَ مسدٍ وَقسد. 


إنّ ما تمّ طرحهُ منْ قِبلِ "مالك أبو خير" وَ منْ قِبلِ الفئاتِ النّخبويّةِ الّتي تَسعى لِلإدارةِ الذّاتيةِ،  وَ كذلكَ الأمرُ العاملينَ معَ قسدٍ وَ مسد، هوَ عبارةٌ عنْ استبدالِ سلطةِ النّظامِ بِسلطتِهم وَ فرضِ أنفسِهم بِقوةِ السّلاحِ،  وَ بِالتالي خلقُ حالةَ تناقضاتٍ سوفَ تأخذُ المحافظةَ لِمستنقعٍ منَ الدّماءِ، أيّ " إبادة ذاتية". ما قامَ بهِ أهالي شهبا هوَ انتفاضةٌ عفويةٌ وَ عملٌ مشتركٌ ( بديلٌ اشتراكي) منْ أجلِ أخذِ مكانَ الدّولةِ وَ تسييرِ أمورِ الأمنِ والأمانِ بِتوافقٍ بينَ جميعِ العائلاتِ وَ الطّبقاتِ الشّعبيةِ، أيّ ( إدارة ذاتية).


وَ لكن ماذا بعد؟


 إنّ الوصولَ لِلهدفِ الحقيقي يتطلبُ إتمامَ المهمةِ بِأكملها،  حيثُ أكدّتْ التّجاربُ التّاريخيةُ أنّ صانعي أنصافُ الثّوراتِ يحفرونَ قبرَهم بِأيديهم،  إنْ لمْ يصبحْ الحراكُ العفوي الّذي حصلَ في مدينةِ شهبا ظاهرةً تشملُ المحافظةَ بِأكملِها فَسوفَ يعودُ أفرادُ العصاباتِ فيما بعدُ أقوى مما كانوا عليهِ،  وَ عليهِ لا بدّ منْ اتخاذِ أهمِ إجراءٍ  وَ الّذي منْ شأنهِ تحويلَ الحركةِ العفويةِ إلى ثورةٍ حقيقيةٍ ألا وَ هوَ التّنظيم.


التّنظيمُ يساعدُ على تحديدِ تكتيكاتِ العملِ وَ لا بدّ لِلتّكتيكِ أنْ يبتعدَ عنْ الإصلاحيةِ،  أيّ أنصافَ الحلولِ وَ بِذلكَ سوفَ تفرزُ الجّماهيرُ الّتي انتفضتْ في شهبا ضدّ عصاباتِ الخطفِ ممثلينَ عنها يكونونَ قادرينَ على نقلِ التّجربةِ إلى باقي أرجاءِ المحافظةِ وَ لِيتحولَ العملُ فيما بعدُ ضدّ العصاباتِ إلى عملٍ منظمٍ وَ منسقٍ وَ غيرَ عشوائي، وهذت سوفَ يضمنُ عدمَ دخولِ كاسري الانتفاضاتِ وَ الطّابورِ الخامسِ لِهيكليةِ التّنظيمِ الجّديد. 


الاستفادةُ منْ أخطاءِ الماضي وَعدمِ تكرارِها وَ وضعِ قيمٍ أخلاقيةٍ يُمنعُ تجاوزَها وَ تمكينُ وجودِ هذا التّنظيمُ على المستوى المحلي وَ الوطني قدْ يأتي مستقبلًا بِإدارةٍ ذاتيةٍ حقيقيةٍ تنهضُ بِالمحافظةِ منْ جديدٍ،  وَ ليسَ بِإبادةٍ ذاتيةٍ سوفَ تدخلُ بِها المحافظةُ عنْ طريقِ أصحابِ نظريةِ "سلطةُ الأمرِ الواقع" مثلَ: مالك أبو خير وَ أدواتِ شمالِ وَ شرقِ سوريا في المحافظة. 


أثبتتْ التّجاربُ التّاريخيةُ أنّ التّنظيمَ الشّعبي لا يمكنُ قهرهُ وَ أهالي شهبا أكدّوا أنّ الحلّ سوفَ يبدأُ على أيديهم وَ إنْ تنظموا نالوا مرادَهم وَ نالَ كلّ منْ يقطنُ السّويداءَ الحبيبةَ مرادَهُ.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إيديولوجيا اللا إيديولوجيا، فكرٌ رقميٌّ منْ دونِ هوية!

قانون الأحوال الشخصية والزواج المدني! ضحاياه الذين لم تأتي سياسة على ذكرهم

مظاهرات كوبا... برهان آخر على بعد الستالينيين عن الماركسية