إزدواجية السياسات العالمية بالتعامل مع القضايا الشرق أوسطية. آراء بالقضيتين الفلسطينية والكردية

 

بقلم وسام أبو حسون


اليمين السياسي دائماً بحاجة إلى يمين على الضفة المعادية

لا يمكن لليمين الإسرائيلي الإستمرار من دون وجود لحماس والجهاد الإسلامي وحزب الله و إيران. فهو سيفقد ذريعته بالوجود والعكس صحيح.عندما نقول بأن رؤوس الأموال تقف وراء كل شئ فهذا لا يعني بأنه هناك اجتماعات سرية وخفية بين المتآمرين على البشرية و إنما هناك ديناميكية قيم معينة تضمن رد فعل مطلوب أو متوقع على أي حدث عالمي يحدث ضمن إطار الوعي الذي تم برمجته مسبقاً في الإعلام والنظام التعليمي و الكتب

قبل الإنتخابات التركية رفضت الحكومة الألمانية طلب إردوغان بإجراء حملة انتخابية له في ألمانيا. ماذا كانت النتيجة؟ التفاف الأتراك الألمان حول إردوغان حيث حصل على النسبة العظمى من الأصوات و التفاف الألمان حول الحزب المسيحي الديمقراطي الذي إستطاع أيضاً الاحتفاظ بموقعه ضمن الحكومة. في هذا السيناريو لم يحصل أي إجتماع ما بين الحكومتين الألمانية والتركية و إنما حسب الديناميكية المعتادة في عالم السياسة فإن هذا الإجراء سيصب بمصلحة الطرفين وليس كما يظن الكثيرين بأنه فعلاً يوجد عداء ما بينهم و إنما إلتقاء لمصالحهم

في أحد أمسيات مدينة نورنبرغ الباردة. كنا في اجتماع لقادة حزب اليسار نناقش فيه تداعيات الهجوم التركي الفاشي على شمال وشرق سوريا حين لفت انتباهي مداخلة إحدى الرفيقات التي قالت“ إن الموقف الإسرائيلي من روج آفا هو موقف جيد فقد أعلنوا رسمياً بأنهم يدعمون هذه التجربة و يقفون ضد التدخل التركي“. تماماً هذا هو التصور الطبيعي في ظل البيئة السياسية الألمانية. لم تعلم بأن إسرائيل و بهذا التصريح تريد فقط دعم إردوغان وتقوية التفاف الفاشية الإسلامية حوله بصفته معادي لإسرائيل بدلالة الموقف المعادي الذي صرحت به إسرائيل ضد هذا الهجوم التركي ووضع الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا بموقف الخائن المتعامل مع إسرائيل الأمر الذي سيزيد النقمة على هذه التجربة

الإسلام السياسي شريك الغرب بتصفية القضية الفلسطينية

الانتفاضتين الفلسطينيتين الأولى و الثانية وكذلك الأمر محادثات السلام التي حصلت كانت ستودي بالغرض الذي نشأت من أجله إسرائيل والذي هو إبقاء المنطقة في حالة حرب. حزب الله، حماس، والجهاد الإسلامي قلبوا جميع موازين اللعبة وقضوا على كافة إنجازات إنتفاضة الحجارة بشرعية الحق الفلسطيني. عملت كافة الدول الغربية على دعم الإسلام السياسي المتمثل بأقوى تيار فيه والذي هو الإخوان المسلمين

قطر وتركيا أكبر حلفاء الغرب ضمن منظومة حلف الناتو قاموا بتبني حماس كطرف رئيسي مطالب بحقوق الشعب الفلسطيني، كانت بالتالي هي أكبر خدمة لليمين الإسرائيلي بالوصول إلى الحكم و كذلك الأمر شرعنة مجازره التي قام بها بحق الأطفال لدى الرأي العام الغربي بحجة أن إسرائيل تدافع عن نفسها. من جهة أخرى فإن بقاء الليكود الإسرائيلي بالحكم تنفيذاً للغاية التي قامت من أجلها إسرائيل يتطلب على الجهة الأخرى وجود أطراف معادية مثل إيران وحزب الله

دائماُ وما قبل الإنتخابات الإسرائيلية وعندما تتدنى شعبية اليمين الإسرائيلي ماكان من حزب الله أو حماس إلا إفتعال حرب مع إسرائيل التي لم تتردد بعدها بتدمير نصف لبنان أو قطاع غزة ومن ثم تأتي قطر لتعيد إعمارها. استثمارات أجنبية في إعادة الإعمار، بروز قطر وحزب الله وحماس بصفتهم مدافعين عن القضية، زيادة الذعر والتطرف ضمن دولة الإحتلال لينجم عنه وصول اليمين الإسرائيلي إلى الحكم ، هي بكل بساطة النتائج الملموسة لحروب الإسلام السياسي الخلبية على إسرائيل. فقط منذ شهر واحد تم تصنيف حزب الله بأنه منظمة إرهابية في ألمانيا. لماذا انتظرت ألمانيا كل هذه السنين؟ من لم يعش في برلين لا يعرف ماذا يعني هذا القرار. يمتلك حزب الله هناك أكبر الشبكات التجارية من تجارة المخدرات و غيرها و التي عجزت شرطة برلين بذات نفسها عن مقاومتها أو ربما لم يتم إتخاذ قرار مقاومتها لو كان فعلاً حزب الله و داعمته إيران هم خطر على إسرائيل كما يتشدقون، لتم حظره منذ زمن بعيد. فهم يحضرون من يؤثر على مصالحهم بشكل واضح و أبرز مثال على ذلك هو حزب العمال الكردستاني الذي أرهق حليفتهم تركيا منذ عقود

مقاربات في تاريخ الحقوق لكل من اليهود والكورد

قامت النازية والفاشية في أوروبا باضطهاد اليهود وجعلت منهم وقود للمحارق و معسكرات الإعتقال بالوقت الذي كان فيه الإحتلال البريطاني ينكل بالعرب الفلسطينيين تمهيداً لوعد بلفور لليهود بجعل فلسطين وطن قومي لهم، ليتم فيما بعد تهجير الفلسطينين من أرضهم من أجل توطين اليهود الذين تم تهجيرهم من أوروبا مكانهم. في عام 2018 قامت كل من تركيا وروسيا وبشكل متزامن بالهجوم على غوطة دمشق الشرقية ( من قبل روسيا) وعلى مدينة عفرين ذات الأغلبية الكردية ( من قبل تركيا) ليتم فيما بعدها ترحيل الأكراد من عفرين و توطين النازحين العرب من الغوطة الشرقية مكانهم تكرار سيناريو ضرب الضحايا بالضحايا يعيد نفسه من أجل إثارة حرب ولكن هذه المرة عربية كردية. بالعودة إلى تاريخ تكوين الكيان الصهيوني نلاحظ بأنه تم إتخاذ جميع الإجراءات التي تضمن بقاء الصهيونية هي المسيطرة ووأد أي محاولة للسلام أو التقارب ما بين الفلسطينيين و الإسرائيليين. تقرير اليهود لمصيرهم يجب أن يتم بالمحافظة على العداء والحرب القائمة وهذا ما تضمنه الحركة الصهيونية. و الآن في سوريا، فالجميع متفق على أحقية الشعب الكردي بتقرير مصيره ولكن، على يد من سيتم تقرير هذا الحق؟ ما يهم الدول الغربية الآن هو أن يحصل الكورد على حقوقهم ضمن إطار مشروع قومي كما في كردستان العراق وكما في إسرائيل من أجل المحافظة على حالة عدم الإستقرار والإنشقاق القومي ضمن شعوب المنطقة


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إيديولوجيا اللا إيديولوجيا، فكرٌ رقميٌّ منْ دونِ هوية!

قانون الأحوال الشخصية والزواج المدني! ضحاياه الذين لم تأتي سياسة على ذكرهم

مظاهرات كوبا... برهان آخر على بعد الستالينيين عن الماركسية